فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَك

/ﻪـ 
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَك

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيّ ثُمَّ الْمَعْقِلِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَك‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرْنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي الدَّوْرِيَّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ وَذَكَرَ آخَرَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَمْنَعُ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَوْدَعَهُ مِثْلَهُ أَوْ قَدَرَ لَهُ عَلَى مِثْلِهِ بِغَيْرِ إيدَاعٍ مِنْهُ إيَّاهُ أَنْ يَأْخُذَهُ قَضَاءً مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ‏.‏

فَقَالَ لَنَا قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏؟‏ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَتْ هِنْدُ أَمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لاَ يُعْطِينِي إِلاَّ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا قَالَ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَبَنِيكِ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْهُ أَنَّ هِنْدَ ابْنَةَ عُتْبَةَ أُمَّ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ شَدِيدٌ وَإِنَّهُ لاَ يُعْطِينِي وَوَلَدِي إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ‏؟‏ فَقَالَ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَبَنِيكِ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدٌ ابْنَةُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاَللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُذَلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِك ثُمَّ مَا أَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يُعَزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ ثُمَّ قَالَتْ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُطْعِمَ مِنْ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا‏؟‏ قَالَ لاَ حَرَجَ عَلَيْك أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ‏؟‏‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ‏؟‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ جُنَاحَ عَلَيْكِ أَنْ تُنْفِقِي عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

قَالَ فَفِي هَذَا إبَاحَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هِنْدًا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا أَبِي سُفْيَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ الْوَاجِبَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ بِحَقِّ التَّزْوِيجِ الْقَائِمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَنْ تُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ الَّذِي يَجِبُ لَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَهَذَا خِلاَفُ مَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ لاَ يُخَالِفُ مَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ لأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَك وَاَلَّذِي فِي الأَحَادِيثِ الآُخَرِ إطْلاَقُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ أَنْ تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا عَلَى نَفْسِهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَهُ عَلَيْهَا وَأَنْ تُوَصِّلَ إلَى عِيَالِهِ مِنْهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِهِ وَمَنْ أَخَذَ مَا قَدْ أَبَاحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْذَهُ فَلَيْسَ بِخَائِنٍ‏.‏

فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَا أَرَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا غَيْرَ مَا أَرَادَهُ فِي الآُخْرَى مِنْهُمَا وَأَنَّ مَنْ أَخَذَ مَا أَمَرَهُ بِأَخْذِهِ أَخَذَ مُبَاحًا لَهُ أَخْذُهُ وَمَنْ أَخَذَ مَا لاَ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ وَمَا هُوَ بِأَخْذِهِ إيَّاهُ خَائِنٌ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ رَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَأَخْذُهُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ خِيَانَةٌ وَهِيَ الَّتِي نَهَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَانِ إذَا جُمِعَ مَا فِيهِمَا عَادَ إلَى هَذَا الْمَعْنَى وَهُمَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ الْمِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ الشَّامِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَإِنَّهُ دَيْنٌ لَهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اقْتَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ حَقَّ الضَّيْفِ دَيْنًا لِلْمُضَيَّفِ عَلَى الَّذِي نَزَلَ بِهِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ثنا اللَّيْثُ ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَقَالُوا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلاَ يَأْمُرُونَ لَنَا بِحَقِّ الضَّيْفِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَلَمْ يَأْمُرُوا لَكُمْ بِحَقِّ الضَّيْفِ فَخُذُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ‏.‏

فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ حَقَّ الضَّيْفِ دَيْنًا وَجَعَلَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي لِمَنْ وَجَبَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْ مَالِ مَنْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ وَافَقَ ذَلِكَ مَا صَحَّحْنَا عَلَيْهِ الْمَعْنَيَيْنِ الأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ بَدَأْنَا بِذِكْرِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ الرُّعَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ أَنْبَأَ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قِيلَ وَمَا الْفَأْلُ‏؟‏ قَالَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قِيلَ وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قُعْنُبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ أَبِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ قَالَ سُئِلَتْ عَائِشَةُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الْقَدَرِ‏؟‏ قَالَتْ كَانَ يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ وَكَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الطِّيَرُ تَجْرِي بِقَدَرٍ وَكَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو الْحِمْصِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ طِيَرَةَ خَيْرُهَا الْفَأْلُ خَيْرُهَا الْفَأْلُ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رَوَيْت لَنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِك هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لاَ طِيَرَةَ أَوْ أَنَّهُ قَالَ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الطِّيَرَةَ لاَ مَعْنَى لَهَا وَإِذَا كَانَ لاَ مَعْنَى لَهَا وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الأَشْيَاءِ الْمَسْمُوعَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا يَكْرَهُ النَّاسُ وَإِذَا كَانَ لاَ مَعْنَى لَهَا لأَنَّ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا إنَّمَا تَجْرِي بِمَا يُقَدِّرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا لاَ بِمَا سِوَاهُ وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ كَانَ الْمَحْبُوبُ مِنْهَا كَذَلِكَ إنَّمَا يَجْرِي بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ وَلاَ مَعْنَى لِلْمَسْمُوعِ مِنْهَا مَكْرُوهًا كَانَ أَوْ مَحْبُوبًا فَمِنْ أَيْنَ جَازَ ذَلِكَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تُضِيفَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ الَّذِي لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ وَلاَ مَضَرَّةَ فِي ضِدِّهِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ إنَّمَا كَانَ لِغَيْرِ مَا تُوُهِّمَ وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلاَمَ الْحَسَنَ لاَ يَتَطَيَّرُ بِهِ سَامِعُوهُ كَمَا يَتَطَيَّرُونَ بِالْكَلاَمِ الْقَبِيحِ فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لاَ طِيَرَةَ مَعَهُ وَإِذَا كَانَ سَامِعُوهُ يُعِدُّونَهُ بِشَارَةً مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ بِمَا يُحِبُّونَ فَيَحْمَدُونَهُ عَلَيْهِ فَهَذَا مَعْنَى إعْجَابِ الْفَأْلِ الْحَسَنِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ إذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَنْ يَسْمَعَ يَا رَاشِدُ يَا نَجِيحُ‏.‏

فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا إذَا سَمِعَهُ خَارِجٌ إلَى حَاجَةٍ حَمِدَ اللَّهَ عَلَيْهِ وَرَجَا بِهِ الْوُصُولَ إلَى حَاجَتِهِ بِمَنِّ اللَّهِ عَلَيْهِ وَتَوْفِيقِهَا لَهُ‏.‏

وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِأَرْضٍ تُسَمَّى غُدْرَةَ فَسَمَّاهَا خَضْرَةَ‏.‏

وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي كَرَاهِيَةٍ نَفَاهَا عَلَى اسْمِهَا الأَوَّلِ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَنْزِلَهَا نَازِلٌ وَاسْمُهَا عِنْدَهُ غُدْرَةُ فَيَتَطَيَّرُ بِذَلِكَ فَحَوَّلَ صلى الله عليه وسلم اسْمَهَا إلَى خَضْرَةَ مِمَّا لاَ طِيَرَةَ فِيهِ فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ فِي الْحُمَّى أَنْ يُتَبَرَّدَ بِالْمَاءِ هَلْ يُرِيدُ بِهِ كُلَّ الْمِيَاهِ أَوْ يُرِيدُ بِهِ خَاصًّا مِنْهَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ بَرِّدُوهَا بِالْمَاءِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَائِشَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْهَاشِمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ قَالَ إبْرَاهِيمُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ هِشَامٍ إِلاَّ هَذَا الْحَدِيثَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ إذَا أُتِيَتْ بِالْمَرْأَةِ قَدْ حُمَّتْ تَدْعُو لَهَا أَخَذَتْ الْمَاءَ فَصَبَّتْهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا وَقَالَتْ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُبْرِدَهَا بِالْمَاءِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْحُمَّى قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُمْ بِالْمَاءِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا حُمَّ دَعَا بِقِرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ فَأَفْرَغَهَا عَلَى رَأْسِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّمَا الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ‏.‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَنْبَأْنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ‏.‏

قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ هَكَذَا عَلَّقْتُهُ أَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا حُمَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَسُنَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ الْبَارِدَ مِنْ السَّحَرِ ثَلاَثًا‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالاَ ثنا أَبُو الأَحْوَصِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْحُمَّى فَوْرَةٌ مِنْ جَهَنَّمَ أَوْ مِنْ نَارِهَا فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ‏.‏

فَكَانَ ظَاهِرُ مَا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَلَى كُلِّ الْمِيَاهِ فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ فِيهِ‏.‏

فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد وَعَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْوَرْدِ قَدْ حَدَّثُونَا قَالُوا ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ أَنْبَأَ أَبُو جَمْرَةَ قَالَ كُنْت أَدْفَعُ الزِّحَامَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَاحْتَبَسْتُ عَلَيْهِ أَيَّامًا فَقَالَ لِي مَا حَبَسَك‏؟‏ قُلْت الْحُمَّى قَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ‏.‏

قَالَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي أَرَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَحَادِيثِ الآُوَلِ هُوَ مَاءُ زَمْزَمَ لاَ مَا سِوَاهُ مِنْ الْمِيَاهِ وَوَكَّدَ ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَدْ رَوَاهُ أَبُو ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ‏.‏

وَثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ أَبُو دَاوُد ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَقَالَ يَزِيدُ أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَاءِ زَمْزَمَ إنَّهُ طَعَامُ طَعْمٍ وَشِفَاءُ سَقَمٍ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ قَصْدَهُ صلى الله عليه وسلم بِمَا ذَكَرْنَا كَانَ إلَى مَاءِ زَمْزَمَ لِلشِّفَاءِ الَّذِي فِيهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ أَكْلِهِ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ وَرَفَعَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَحْسِينِهِ ذَلِكَ مِنْهُ

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالسَّقَلِّيِّ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ مَطَرَتْ السَّمَاءُ بَرَدًا فَقَالَ لَنَا أَبُو طَلْحَةَ نَاوِلُونِي مِنْ هَذَا الْبَرَدِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ فَقُلْت أَتَأْكُلُ الْبَرَدَ وَأَنْتَ صَائِمٌ‏؟‏ فَقَالَ إنَّمَا هُوَ بَرَدٌ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ نُطَهِّرُ بِهِ بُطُونَنَا وَإِنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَلاَ بِشَرَابٍ فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ ذَلِكَ فَقَالَ خُذْهَا عَنْ عَمِّك‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ جَازَ لَكُمْ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآنُ يُخَالِفُهُ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ‏.‏

فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصِّيَامَ لاَ أَكْلَ فِيهِ وَلاَ شَرَابَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَأْكُلُ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنَسًا أَنْ يَأْخُذَهَا عَنْ عَمِّهِ يَعْنِي أَبَا طَلْحَةَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّا مَا قَبِلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ إذْ كَانَ الَّذِي رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الثَّبَتِ فِي الرِّوَايَةِ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ مَنْ هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَتَادَةَ بْنُ دِعَامَةَ السَّدُوسِيُّ وَثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ الْبُنَانِيُّ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ فِي خِلاَفِهِ إيَّاهُ فَكَيْفَ بِهِمَا جَمِيعًا فِي خِلاَفِهِمَا إيَّاهُ وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ مِمَّا رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَيْهِ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَأْكُلُ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ وَيَقُولُ لَيْسَ هُوَ بِطَعَامٍ وَلاَ بِشَرَابٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَأْكُلُ الْبَرَدَ وَهُوَ صَائِمٌ فَإِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ بَرَكَةٌ عَلَى بَرَكَةٍ فِي التَّطَوُّعِ قَالَ فَاتَّفَقَا بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ لاَ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَبُو طَلْحَةَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا نَزَلَتْ صَارَ إلَى مَا فِيهَا وَتَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِمَّا يُخَالِفُهُ‏.‏

فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ أَفَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفِعْلُ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَخْفَى ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِهِ فَيُعَلِّمُهُ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِيهِ وَقَدْ كَانَ مِثْلُ هَذَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا ذَكَرَهُ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِيُّ لَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مُحْتَجًّا بِهِ عَلَيْهِ فِيمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ فَكَشَفَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ ذَلِكَ أَذَكَرْتُمُوهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَقَرَّكُمْ عَلَيْهِ‏؟‏ فَقَالَ لاَ فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ عُمَرُ حُجَّةً‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي حَيِيَّةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ إنِّي لَجَالِسٌ عَنْ يَمِينِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُفْتِي النَّاسَ بِالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ بِرَأْيِهِ فَقَالَ عُمَرُ اعْجَلْ عَلَيَّ بِهِ فَجَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ عُمَرُ قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ أَنْ تُفْتِيَ النَّاسَ بِالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْيِك فَقَالَ زَيْدٌ وَاَللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَفْتَيْتُ بِرَأْيِي وَلَكِنْ سَمِعْتُ مِنْ أَعْمَامِي شَيْئًا فَقُلْت بِهِ فَقَالَ مِنْ أَيِّ أَعْمَامِك‏؟‏ فَقَالَ مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي أَيُّوبَ وَرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فَالْتَفَتَ إلَيَّ عُمَرُ فَقَالَ مَا يَقُولُ هَذَا الْفَتَى‏؟‏ فَقُلْت إنَّا كُنَّا لَنَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لاَ نَغْتَسِلُ فَقَالَ أَفَسَأَلْتُمْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ‏؟‏ فَقَالَ لاَ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ لَئِنْ أُخْبِرْتُ بِأَحَدٍ يَفْعَلُهُ ثُمَّ لاَ يَغْتَسِلُ لاََنْهَكَنَّهُ عُقُوبَةً‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَفَلاَ تَرَى أَنَّ هَذَا فِيمَا أَخْبَرَ رِفَاعَةُ كَانَ مَفْعُولاً فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لاَ يَغْتَسِلُ فَاعِلُوهُ وَأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حُجَّةً وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ بَلْ قَدْ رَفَعَهُ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْمَلَ بِضِدِّهِ إذْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ مِنْ فَاعِلِيهِ فَيُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ وَثَابِتٍ لَمَّا لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَيَحْمَدُهُ مِنْهُ أَوْ يَذُمُّهُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ وَكَانَ الأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا فِي الآيَةِ الَّتِي تَلُونَا مِمَّا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِعَلِيٍّ إنَّ لَك كَنْزًا فِي الْجَنَّةِ وَإِنَّك ذُو قَرْنَيْهَا فَلاَ تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَك الآُولَى وَلَيْسَتْ لَك الآخِرَةُ

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ‏.‏

وَثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحَبْرِيُّ قَالاَ ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ وَثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالُوا ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي طُفَيْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ إنَّ لَك كَنْزًا فِي الْجَنَّةِ وَإِنَّك ذُو قَرْنَيْهَا فَلاَ تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَك الآُولَى وَلَيْسَتْ لَك الآخِرَةُ‏.‏

فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّك ذُو قَرْنَيْهَا فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ وَإِنَّك ذُو قَرْنَيْ الْجَنَّةِ يُرِيدُ طَرَفَيْهَا إذْ كَانَ ذِكْرُهُ ذَلِكَ يَعْقُبُ ذِكْرَهُ الْجَنَّةَ‏.‏

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ إنَّك ذُو قَرْنَيْ هَذِهِ الآُمَّةِ فَأَضْمَرَ الآُمَّةَ كَمِثْلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ‏}‏ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ يُرِيدُ الأَرْضَ وَلَمْ يَذْكُرْهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَكَمِثْلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ‏}‏ وَهُوَ يُرِيدُ الشَّمْسَ فَأَضْمَرَهَا ثُمَّ مِثْلُ قَوْلِ النَّاسِ مَا بِهَا يُرِيدُونَ الْقَرْيَةَ أَوْ الْمَدِينَةَ أَعْلَمُ مِنْ فُلاَنٍ‏.‏

وَذَهَبَ قَوْمٌ فِي ذَلِكَ إلَى مَعْنًى سِوَى هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ عَلِيًّا فِي هَذِهِ الآُمَّةِ كَذِي الْقَرْنَيْنِ فِي أُمَّتِهِ فِي دُعَائِهِ إيَّاهَا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقِيلَ لَهُ لِذَلِكَ إنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا تَشْبِيهًا لَهُ بِهِ‏.‏

وَشَدُّوا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ بِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُد الْخُرَيْبِيُّ عَنْ بِسَامٍّ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ قَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ لاَ تَسْأَلُونِي وَلَنْ تَسْأَلُوا بَعْدِي مِثْلِي فَقَامَ إلَيْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَقَالَ مَا كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ‏؟‏‏,‏ مَلِكًا كَانَ أَوْ نَبِيًّا‏؟‏ قَالَ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَلاَ مَلِكًا وَلَكِنَّهُ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ وَنَاصَحَ اللَّهَ فَنَصَحَهُ ضَرَبَ عَلَى قَرْنِهِ الأَيْمَنَ فَمَاتَ ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى قَرْنِهِ الأَيْسَرَ فَمَاتَ وَفِيكُمْ مِثْلُهُ‏.‏

وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيَّ يَعْنِيَانِ ابْنَ عَائِشَةَ سُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّك ذُو قَرْنَيْهَا فَقَالَ أَرَادَ إنَّك كَبْشُهَا وَفَارِسُهَا‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ فَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الَّذِي رَوَيْتَهُ وَفِيكُمْ مِثْلُهُ فَمَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ مِمَّا قَدْ جَعَلَ فِيهِ مَثَلاً لِذِي الْقَرْنَيْنِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ مِثْلٌ لِذِي الْقَرْنَيْنِ فِي دُعَائِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي قِيَامِهِ بِالْحَقِّ دُعَاءً وَقِيَامًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ فِيمَا دَعَا إلَيْهِ وَفِيمَا قَامَ بِهِ قَائِمًا وَدَاعِيًا بِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‏.‏

وَالأَشْيَاءُ قَدْ تُشَبَّهُ بِالأَشْيَاءِ لِشَبَهِهَا إيَّاهَا فِي مَعْنًى وَإِنْ كَانَتْ لاَ تُشْبِهُهَا فِي خِلاَفِهِ كَمِثْلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ‏}‏ لَيْسَ أَنَّهُنَّ مِثْلُهُنَّ فِي أَنَّهُنَّ سَمَاوَاتٌ وَلَكِنَّهُنَّ أَرْضُونَ عَدَدُهُنَّ كَعَدَدِ السَّمَاوَاتِ فَكُنَّ مِثْلاً لَهُنَّ فِي الْعَدَدِ لاَ فِيمَا سِوَاهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَفِيكُمْ مِثْلُهُ أَيْ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الآُمَّةِ كَمِثْلِ الَّذِي كَانَ مِنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فِي أُمَّتِهِ لاَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ بَعْثَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَى قَرْنِهِ الأَيْمَنِ فَمَاتَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَلاَ تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَك الآُولَى وَلَيْسَتْ لَك الآخِرَةُ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الآُولَى تَفْجَؤُهُ بِلاَ اخْتِيَارٍ لَهُ فِيهَا فَلاَ يَكُونُ مَأْخُوذًا بِهِ وَلاَ تَكُونُ مَكْتُوبَةً عَلَيْهِ فَهِيَ لَهُ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ لَك الآخِرَةُ فَإِنَّ الآخِرَةَ تَكُونُ بِاخْتِيَارِهِ لَهَا فَهِيَ مَكْتُوبَةٌ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ وَقَدْ رَوَى بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ رُوَاةِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ يَذْكُرُهُ عَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْضُهُمْ لاَ يَذْكُرُ فِيهِ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ بُرَيْدَةَ أَحَدًا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الإِيَادِيِّ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ الآُولَى لَك وَالآخِرَةُ عَلَيْك‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الإِيَادِيِّ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إسْنَادِهِ عَلِيًّا وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظْرَةِ الْفُجَاءَةِ فَقَالَ اصْرِفْ بَصَرَكَ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

فَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الآثَارُ فِي النَّظْرَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِيهَا ابْتِدَاءً وَفِي النَّظْرَةِ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَهَا بِمَا يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏